وكانت كل منطقة من المناطق تنافس المنطقة الأخرى، وتحاربها وتتقاتل معها، عَلَى أن إله هَؤُلاءِ أفضل من هَؤُلاءِ. هكذا كَانَ البشر يتخبطون في الضلالات والجهل، ثُمَّ وضعت أصنام في الأرض كما يقولون بما يتناسب مع طباع الكواكب، فبعضهم يعبد الكوكب في السماء، وبعضهم يعبد الأصنام في الأرض، وينحت هيكلاً من صخر؛ ويقول: هذا مناسب لطباع المشتري أو زحل، فيعبد النَّاس هذا الصنم بناء عَلَى تعظيم الكوكب الذي يتناسب مع طباعهم، ويأتي أولياءهم من الجن والشياطين، فتدخل في جوف هذه الأصنام والأحجار، فتكلمهم وتخاطبهم باسم الصنم المعبود، وهذا ما كَانَ حاصلاً إِلَى زمن بعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانت الشياطين تخاطبهم من الأصنام، وتكلمهم وتحكم بينهم منها، فيظن النَّاس أن هذه الأرباب الآلهة هي التي تتكلم، وهكذا أغوى الشيطان بني آدم.

الشرك بالملائكة

وكذلك الشرك بالملائكة أو الجن، واتخاذ الأصنام لهم -كما يقول المصنف- فهناك قوم قالوا: الملائكة من جنس الصالحين، وهم عباد لله -عَزَّ وَجَلَّ- يسبحون الليل والنهار لا يفترون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد أخبر الأَنْبِيَاء عن صفاتهم العظيمة، وطاعتهم لله عَزَّ وَجَلَّ.

فقالوا: إذاً نتخذ الملائكة شفعاء عند الله، فندعو الملائكة من جبريل أو ميكائيل، أن يشفع لنا عند الله، ثُمَّ يدعونه استقلالاً، وإذا قيل لهم: لماذا تدعون الملائكة؟ قالوا: ما نعبدهم أو ندعوهم إلا ليقربونا إِلَى الله زلفى لأنهم أقرب عند الله، وأما أنا فمسكين مذنب، لا أستطيع أن أدعو الله، فكيف أدعو الله وأنا مليء بهذه الذنوب؟ وإنما أدعو هَؤُلاءِ لأنهم مقربين عند الله، فهم يشفعون عند الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015