فأعظم أسباب وقوع الشرك هو: تعظيم الأولياء -وسيذكر المُصنِّفُ أسباباً أخرى- وقد رد الله تَعَالَى عليهم جميعاً فقَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء:57] أي: أُولَئِكَ المدعوون أنفسهم الذين يدعونهم هم يدعون الله، ويبتغون إِلَى ربهم الوسيلة، فهم يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه، فكيف تأتي أنت وتدعوهم من دون الله؟! فإذا وقع بأحدهم الكرب قَالَ: يا عَلِيّ! يا عَلِيّ!، وعَلِيّ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- عانى من الكروب في حياته، وآخرها انشقاق الأمة عليه، وخروج الخوارج عليه، حتى أتى الأشقى فقتله.
فلم يملك عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولم يحم نفسه من هذا الخارجي، ولا من عدوان الخوارج، ولا ممن انشقوا عن طاعته. وكان يريد أن يكون أمير المؤمنين عامة ويتوحدوا جميعاً تحت طاعته، والحسين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لما خرج إِلَى البر وجاءه الجيش وقتلوه، لا شك أنه قتل مظلوماً، وأن دمه لا يحل، ولا يحل دم أي مسلم أصلاً، ولا يجوز القتال في الفتنة -أصلاً- بين الْمُسْلِمِينَ، لكن لما جاءوا وأحاطوا به مات عطشاناً في البر، لا يملك أي شيء.
والآن! يبكون ويقولون: كيف نشرب الماء وقد مات الحسين عطشاناً في البر؟، ثُمَّ إذا نزل بأحدهم كرب قَالَ: يا حسين، سُبْحانَ اللَّه! كيف يقول ذلك والحسين لم يملك لنفسه شربة ماء؟!
تعظيم الأولياء والصالحين
يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: