لا، إنما قَالَ: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَادِقِينَ [الشعراء:30،31] فأخرج يده فإذا هي بيضاء للناظرين، ووضع العصا فإذا هي حية تسعى، ثُمَّ تأتي المناظرة العظمي حيث أراد الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يفضح فرعون عَلَى الملأ مثل ما ادعى الربوبية عَلَى الملأ فشاور قومه، فأشاروا عليه فَقَالُوا: أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ [الشعراء:36] ، فالأمر بسيط جداً، ليس هناك أمة يجتمع لديها من السحرة أكثر من أمتنا، فليجمع السحرة جميعاً، وكانت حكمةً من الله، لأنه لو بقي أحد لقالوا: بقي سحرة، فجاء السحرة أجمعون، واحتاط فرعون بحيث لم يترك أحداً، وجاؤوا جميعاً ليتحدوا هذا الساحر بزعمهم: وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ [الزخرف:49] فأمرهم موسى عَلَيْهِ السَّلام بإلقاء عصيهم، فلما ألقوها، خاف موسى عَلَيْهِ السَّلام، ولم يتوقع أن الله يوحي إليه، ولا أن يوجهه إِلَى هذا الطاغوت العنيد الجبار، فَأَلْقَى مُوسَى عَصاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الأعراف:117،118] فأتى بآيات عظيمة لا يمكن لأحد أن يماري فيها، لا من السحرة ولا من الجمهور، ولا من الملأ المستكبرين في الأرض.
فتأتي هذه الحية فتلقف جميع الحيات، ويأتي السحرة الذين أتى بهم فرعون. وقَالَ: إن لكم لأجراً، فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:46-48] .