لم يزل المسلمون يعترفون بهدي الصحابة ويروون فضائلهم ويعرفون أن الله تعالى هو الذي زكاهم، وهو الذي طهرهم، وهو الذي اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويعلمون أنهم خيرة الأمة وصفوتها، وهذه الأمة خير الأمم وأزكاها عند الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة) الآخرون وجوداً، والسابقون يوم القيامة، فأخبر بأن هذه الأمة تسبق غيرها من الأمم، أي: الأمم السابقة، ولا شك أن خير هذه الأمة هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنتم خير من أبنائكم, وأبناؤكم خير من أبنائهم) وقال صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) (خير الناس) أي: خير جميع الناس من الأولين والآخرين؛ القرن الذي بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: من المؤمنين، وهذه بلا شك تزكية من النبي صلى الله عليه وسلم.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة) ، ولما قال لأصحابه: (إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، قالوا: الله أكبر! فقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة) .
وقد زكاهم الله بقوله: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة:13-14] يراد بالأولين -على الصحيح- الأولون من هذه الأمة، أي: الصحابة، فذكر أن الأكثر من السابقين الأولين هم من القرن الأول الذين هم الصحابة، وكذلك من تبعهم وسار على نهجهم.