أولاً: ذكر أن المشركين قبل الإسلام كانوا يدعون الله، يقول الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاه} [الإسراء:67] ذهبت عنكم آلهتكم، وذهبت عنكم معبوداتكم كلها، ونسيتموها، ولم يبق في ذاكرتكم إلا الرب تعالى، فإنكم تعلمون أنه لا يجيب دعوتكم ولا يزيل عنكم الضر في المضائق إلا الله سبحانه، ويكون ذلك إذا ركبوا، يقول الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65] دعوا الله في حالة كونهم على خطر ومقربة من الهلاك.
ويقول تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين} [لقمان:32] ، وأمواج البحر معروفة، وهي التي تدفعها الرياح بحيث ترتفع فوق مستوى البحر متراً أو مترين أو نحو ذلك، وإذا جاءت تلك الأمواج إلى السفن اضطربت السفينة، وكادت أن تغرق، فإذا رأوا تلك الأمواج خافوا الهلاك ورفعوا أيديهم، وقالوا: يا ربنا أنجنا، يا ربنا نجنا من هذا الهلاك، فلا يذكرون إلا الله.
إذاً: الله تعالى يستجيب لهم مع أنهم كفار؛ لأنهم أخلصوا له الدعاء، ولا شك أن المسلمين أولى بأن يدعوا الله في الضر وفي الشدة وفي الرخاء، ولا شك أنه يحب أن يدعوه ويغضب على من لم يدعه.