استدل المانعون من المبتدعة، بقول الله تعالى في سورة النجم: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39] ، وكثيراً ما يستدل بهذه الآية بعض المتأخرين، الذين يمنعون من الإهداء إلى الأموات، ويمنعون الأضحية عنهم، ويمنعون القراءة لهم أو نحو ذلك.
ولا شك أن الآية إنما فيها الملكية، أي: لا يملك الإنسان إلا سعيه، أما سعي غيره فلا يقدر عليه، فلا يقدر الميت أن يأخذ من أعمال أولاده، ولا يقدر أن يأخذ من أعمال زوجاته، ولو كانوا يحبونه.
ولعل هذا في الدار الآخرة، فقد ورد في تفسير قول الله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:34-37] أنه يلقى الرجل ولده فيقول: يا بني! أنا خير أب لك، أنا الذي أعطيتك، أنا الذي نفعتك وربيتك.
فيقول: صدقت ونعم الأب! فيقول: إني بحاجة إلى حسنة أو حسنات ليثقل بها ميزاني، فيقول الابن: وأنا بحاجة إلى ما أنت بحاجة إليه، نفسي نفسي! ويأتي إلى زوجته، فيذكرها صحبته، فيسألها حسنة أو حسنات، فتمتنع وتقول: أريدها لنفسي، أخشى أن يخف ميزاني وهكذا، ففي الدار الآخرة لا ينتفع أحد إلا بعمله، وأما في الدنيا فلا مانع من أن يهدي الحي للميت، ومن أن يعطيه، ومن أن يتصدق عنه ويدعو له، لا مانع من ذلك؛ حيث إنه تبرع بذلك.