وضوح البلاغ وحرص المبلغ يقتضي وجوب الإيمان بأسماء الله وصفاته

يعتقد المسلمون أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال، ويعتقدون أن توحيد الصفات متلقىً عن الشرع، مأخوذ عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام اختاره الله لحمل الرسالة لما فيه من الأهلية، فهو عليه الصلاة والسلام من أفصفح الخلق، وأنصحهم، يحب الخير لأمته، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ} يعني: من جنسكم {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] فإذا كان حريصاً على هداية الأمة، وإذا كان يحب لهم النجاة، وإذا رزقه الله وأعطاه الفصاحة، والقدرة على البلاغ والبيان، فلا بد أنه قد بلغ، ولا بد أنه قد بين، ومن اعتقد أنه كتم ما أنزل إليه كفر، ومن اعتقد أنه لبس على الأمة وأوقعهم في الحيرة كفر، بل نعتقد أنه بلغ ولم يكتم، وأوضح وبين.

وإذا رجعنا إلى بيانه وإلى ما بلغه وجدناه واضحاً.

ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام ظهر في أناس يتكلمون باللغة العربية ويفهمون كلامه، وإذا كان كذلك فلا بد أنه خاطبهم بما يفهمون، فنرجع إلى لغتهم.

ومعلوم أنه جاء بشيء لم يكونوا يعرفونه، فسماه بأسماء يفهمونها، فما كانوا يعرفون كلمة الإسلام، ولا كلمة الإيمان على مسماها الشرعي، ولا كانوا يعرفون الصلاة ولا الوضوء ولا الصوم على مسماها الشرعي، وكذلك لم يكونوا يعرفون مسمى النفاق، ولا مسمى الكفر، ولا الشرك، ولا الفسوق بمسماها الشرعي، لكن يعرفون الكلمات على معان أخرى، فاستعمل هذه المعاني التي تقارب ما يعرفونه.

وإذا كان هذا في هذه الأمور المعتادة فإنه أيضاً تكلم معهم في الصفات، فإنهم يعرفون السمع وما يطلق عليه، وكذلك البصر، والقدرة، والقوة، والعلم، والكلام، فلابد أنه خاطبهم بالأشياء التي يفهمونها، وأنهم فهموا ما بلغهم به.

على هذا: فإن الذين يتكلفون في صرف اللفظ عن ظاهره لا شك أنهم وقعوا في ضلال، ووقعوا في تخطئة النبي عليه الصلاة والسلام من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015