قدر الله تعالى أهل الجنة وأهل النار، فمعلوم أنه سبحانه حكيم في أمره وفي تدبيره، وأنه لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه؛ لم يكن ظالماً لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، فإنهم ما عملوا ولا آمنوا ولا اتقوا إلا بفضله: ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع فهو سبحانه خلق الجنة وخلق لها أهلاً وقدر أعمالهم، ويسر لهم السبل والوسائل التي تجعلهم من أهلها، وتلحقهم بالعباد الصالحين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وكذلك قدر للنار أهلاً؛ وذلك لأن هاتين الدارين -دار الثواب ودار العقاب- قد وعدهما الله تعالى بأهل؛ فقال تعالى مخاطباً الجنة والنار: (ولكل واحدة منكما علي ملؤها) ، فلابد أن يدخلهما الله من يستحقهما، فبفضله ينعم على أهل الجنة، وبعدله يعذب أهل النار، ولا يظلم أحداً: {وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [ق:29] ، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} [غافر:31] .