الكلام الأول يتعلق بخلق الله تعالى لأهل الجنة وأهل النار وتقسيمهم؛ وذلك لأنه سبحانه خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلق النار وخلق لها أهلاً، وكل موفق وميسر لما خلق له، ولا يتجاوزون ما قدر لهم، ولكنه سبحانه جعل بعض الخلق شراً محضاً، وبعضهم خيراً محضاً، وبعضهم فيه مادتان: مادة خير ومادة شر، فالملائكة كما سمعنا كلهم خير، ليس فيهم نفوس شريرة، بل كلهم يعبدون الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أطت السماء وحق لها أن تئط؛ ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد) ، وأخبر أن هناك ملائكة سجود منذ خلقهم الله إلى أن تقوم الساعة، ثم يوم القيامة يقولون: (سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، غير أنا لم نشرك بك شيئاً) .
وقد ذكر من عبادتهم ومن اجتهادهم في الطاعات وأنواع القربات، مع أنهم ليس لهم شهوة تحملهم على المعاصي؛ فلأجل ذلك فكلهم خير، وأخبر الله بأنهم يخدمون أهل الجنة، قال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد:23-24] ، وقال: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [الزمر:75] .