قال المؤلف رحمه الله: [ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [المائدة:37] ، وقوله تعالى: {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف:75] ، وقوله تعالى: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً} [النبأ:30] ، وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [النساء:57] ، وقوله تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:48] ، وقوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ} [البقرة:167] ، وقوله تعالى: {لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف:40] ، وقوله تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر:36] ، وقوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} [الفرقان:65] ، أي: مقيماً لازماً.
وقد دلت السنة المستفيضة أنه (يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله) ، وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وهذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم،ولم يختص الخروج بأهل الإيمان، وبقاء الجنة والنار ليس بذاتهما، بل بإبقاء الله لهما.
وقوله: (وخلق لههما أهلاً) .
قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الأعراف:179] ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (دعي رسول صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار؛ فقلت: يا رسول الله! طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء، ولم يدركه، فقال: أوغير ذلك يا عائشة؟! إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم) ، رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وقال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:2-3] ، والمراد: الهداية العامة، وأعم منها الهداية المذكورة في قوله تعالى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]] .