من الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بما أخبر الله ورسوله مما يكون يوم القيامة من طول الموقف فنؤمن بذلك اليوم {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] ، أخبر الله بعرض الناس على ربهم، {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الكهف:48] ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم (يحشرون حفاة عراة غرلاً، ودل على ذلك قوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:104] ، {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:94] .
وأخبر الله تعالى بالحشر في قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} [مريم:85-86] ، والحشر: هو الجمع يوم القيامة.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بتطاير الصحف، وبأنهم: يأخذون صحفهم وكتبهم بأيمانهم أو بشمائلهم من وراء ظهورهم.
وأخبر الله تعالى بالحساب: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:14] ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالحوض المورود يوم القيامة، ومن يرده، ومن يذاد عنه.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالصراط الذي ينصب على متن جهنم، يجتازه الناس على قدر أعمالهم وعلى قدر إيمانهم، سيراً سريعاً أو سيراً بطيئاً.
وأخبر الله تعالى بالميزان {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون:102-103] .
وأخبر الله تعالى وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه التفاصيل، ومن جملتها: كون الرب سبحانه وتعالى يبرز لعباده ويسجد له المؤمنون، ولا يستطيع المنافقون السجود كما في قوله تعالى: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:42] ، أخبر الله بأن نور المؤمنين (يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم:8] ، وبأن نور المنافقين ينطفئ إذا بدءوا في السير، ويقولون للمؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد:13] ، وتفاصيل يوم القيامة كثيرة، وهذه من جملتها.
والإيمان باليوم الآخر يلزم منه أن يؤمن بكل هذه التفاصيل، ما سمي منها وما لم يسمَّ، ما فصل منها وما أجمل، ومن آمن بذلك اليوم آمن بكل ما فيه، والنهاية قول الله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:7] .
وأخبر الله وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بالأعمال التي تدخل النار، والتي تدخل الجنة.
وأخبر الله وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بمن يخرج من النار بشفاعة الشافعين أو برحمة الله تعالى، ومن لا يخرج منها بل يخلد فيها، فكل هذه من التفاصيل التي وردت عن اليوم الآخر الذي هو يوم القيامة، فمن آمن باليوم الآخر آمن بكل ذلك.
من أركان الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فاليوم الآخر هو: ما بعد الموت وما بعد البعث، وما بعد ذلك إلى ما لا نهاية له، هذا كله اليوم الآخر الذي يؤمن به المؤمنون، ويصدقون بتفاصيله، ولا شك أن من صدق به لا يكون تصديقه مجرد قوله: آمنت بذلك وصدقت به، بل يكون من آثار تصديقه العمل الصالح الذي يستعد به لذلك، فيستعد به حتى يكون نوره كالشمس، يستعد بالعمل الصالح الذي يرجح به ميزانه، يستعد بالعمل الصالح الذي يسير به على الصراط كالبرق، يستعد بالعمل الصالح الذي يؤتى به كتابه بيمنه، ويقول: {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:19] .
وهكذا بقية الأشياء التي تكون في ذلك اليوم، لابد من عمل صالح يسلم به من طريق أهل الجحيم، ويفوز بطريق أهل النعيم.