Q ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الاستثناء بالمشيئة؟ وهل يستثنى بالأعمال مثلاً يقول: سوف أترك الدخان إن شاء الله، أو ما أشبه ذلك؟
صلى الله عليه وسلم مذهب أهل السنة أنه يجوز الاستثناء في الأعمال ويكون على وجه التبرك، قد سمعنا أنه صلى الله عليه وسلم استثنى في الأمور المحققة كقوله في زيارة المقابر: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ، ومعلوم أن الإنسان لابد لاحق بالموتى، لابد أنه سوف يموت، ومع ذلك استثنى، والموت محقق، ومع ذلك يقول: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) .
كذلك أيضاً ورد الاستثناء في الموت على الشهادة، ففي وصية بعض السلف: (إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، عليها أحيا، وعليها أموت، وعليها أبعث إن شاء الله) فالاستثناء هذا قيل: إنه عائد عليها كلها، مع أنها محققة، وأن البعث محقق، وقيل: إنه يعود على البعث عليها.
وبكل حال يجوز الاستثناء للتبرك في الأمور التي يعزم الإنسان على فعلها مستقبلاً، فيقول: سوف أصلي إن شاء الله، وسوف أصوم غداً إن شاء الله، ويقول مثلاً: أنا مؤمن إن شاء الله، وأنا مسلم إن شاء الله، ويقصد بذلك التبرك، ولا يقصد بذلك التوقف ولا الشك ولا التردد، هذا في بعض الأعمال.
وأما في بعض التروك فإنه يستثني ولو كان عازماً وجازماً؛ لأن هذا غيب وأمره إلى الله، فإذا عزم مثلاً على أن يترك المحرمات فله أن يستثني، إذا كان مبتلئ مثلاً بالدخان يقول: سوف أترك الدخان إن شاء الله، ولو كان جازماً؛ لأن الترك أمره في المستقبل، وكذلك المعاصي التي يفعلها يعزم على أنه سيتركها، فيقول مثلاً: سأعفي لحيتي إن شاء الله، أو سوف أقصر من ثوبي المسبل إن شاء الله، وهو عازم على ذلك، أو مثلاً سوف أتوب من الربا إن شاء الله، أو من الرياء إذا شاء الله، أو إن شاء الله، يقول ذلك على وجه التبرك، وعلى وجه الرجاء أن ربه يعينه إذ وكل الأمر إليه، فهذا لا بأس به، أما إذا كان على وجه الشك أو على وجه التردد فلا يفعله، بل يجزم بترك المحرمات ولا يتردد في تركها.