هذا يتعلق بالإمامة، وهي الولاية العامة، وذلك لأن أهل السنة يرون السمع والطاعة للأئمة، وقد تقدم الاستدلال على ذلك في مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] ، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم لـ أبي ذر: (اسمع وأطع وإن جلد ظهرك وأخذ مالك) ، وقوله: (عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة، يقودكم بكتاب الله) .
وفي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم) ، يعني: تدعون لهم ويدعون لكم، عبر بالصلاة عن الدعاء (وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم) ، يعني: تدعون عليهم (ويلعنونكم، قال: قلنا: يا رسول الله! أفلا ننابذهم؟) يعني: نخالفهم وننبذ إليهم الطاعة، (قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) ، أي: ما داموا يقيمون فيكم الصلاة، ويبنون المساجد، ويعينون الأئمة والمؤذنين، ويرفع صوت الأذان في كل وقت، ويجتمع المصلون ويؤدون الصلاة جماعة؛ وذلك لأن الصلاة هي شعار الإسلام، وشعار المؤمنين.
فهذه الأدلة ونحوها تدل على وجوب السمع والطاعة للأئمة، ولو كان فيهم شيء من النقص، أو حصل فيهم شيء من الخلل والمعصية؛ وذلك لأن الاجتماع على الأئمة فيه مصلحة للأمة؛ لأن ترك الاجتماع والتفرق والفوضى والاختلاف سبب للنهب والسلب، والضرب والقتل، فيكون الضعيف نهبة للقوي، وليس هناك من يأخذ له حقه، ولا تكون هناك إقامة حدود، ولا انتصار لمظلوم إلا بهذه الولاية.
فهذا هو السبب في أنه أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، بل حرص على أن يكون في كل طائفة أمير يرجعون إليه، حتى قال صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج ثلاثة في سفر أو برية فليؤمِّروا أحدهم) ، أو كما قال، وذلك حتى يرجعوا إليه ويستشيروه، كل ذلك حث للأمة على أن يسمعوا ويطيعوا لولاة أمورهم.