الرافضة لا يغسلون القدمين في الوضوء ولو كانتا مكشوفتين، بل يكتفون بمسحهما، ويستدلون بقراءة الجر: (وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم) وأهل السنة يحملون الجر على أنه للمجاورة، ويستدلون بقراءة النصب {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:6] يعني: واغسلوا أرجلكم.
أهل السنة يرون غسل القدمين، وأنها تغسل كما تغسل اليدين إلى المرفقين، ويستدلون بالسنة؛ وذلك لأنه تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا توضأ غسل قدميه، ولم ينقل عنه أنه مسحهما وهما ظاهرتان، ولم ينقل عنه المسح إلا على الخفين، أما إذا لم تكن في الخفين فإنه يغسلهما، هذا هو الذي تواتر عنه، وقد رواه عنه الأعداد الكثيرة من الصحابة، ورواه عن الصحابة التابعون، وتلقته الأمة بالقبول قولاً وعملاً، واشتهر ذلك وانتشر فيما بين المسلمين، وجاءت الرافضة فأنكروا ذلك، وقالوا: نقتصر على المسح! وسبب ذلك أنهم لا يقبلون -كما قلنا- أحاديث الصحابة؛ لأنهم في زعمهم كفار ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم! هذه عقيدهم قاتلهم الله، فهم يكفرون الصحابة! إذاً: أهل السنة عملوا بالسنة المتواترة في المسح على الخفين، وفي غسل القدمين إذا لم يكن عليهما خفان، وخالفهم الرافضة في ذلك.
وبكل حال هذه مسألة فرعية ليست من المسائل الاعتقادية؛ وذلك لأن العقائد إنما تكون في الأمور التي هي من الأمور الغيبية وما أشبه ذلك، كأمور الآخرة ونحوها، وأما مسائل الفروع كالصلاة والطهارة وما أشبهها فإنها تسمى فروعاً، ومع ذلك قد تدخل في الأصول، إذا كانت أدلتها قطعية يقينية، مثل أدلة المسح على الخفين فإنها قطعية، فقد ثبت فيها أربعون حديثاً، ووصلت إلى ستة وخمسين بما فيها من الروايات المنقطعة التي وصلت من طرق أخرى، والضعيفة التي جبرت بالتواتر، أو نحو ذلك، فأصبح الدليل يقينياً وليس ظنياً، ثم إن الذين عملوا به واتبعوه من الصحابة هم الذين نقلوا لنا كتاب الله، ونقلوا لنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.