من طاعة الله تعالى وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام: طاعة أولي الأمر، الذين ذكرهم الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري فقد عصاني) ، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بطاعة ولاة الأمر، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي، يقودكم بكتاب الله) ، وفي حديث أبي ذر: (اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك) .
وقد ذكر العلماء أن من عقيدة أهل السنة والجماعة: طاعة ولاة الأمور، الذين لهم الولاية والسيطرة على البلاد والعباد، وطاعتهم تعتبر جمعاً لكلمة المسلمين، وتعتبر قمعاً للمفسدين، ودفعاً للظالمين؛ لأن بولايتهم يثبت الحق ويظهر، وإذا لم يكن هناك ولاة صار الضعيف نهباً للقوي، ولم تثبت الكلمة، ولم يثبت الأمن، وحصلت الزعازع والفتن، وحصلت المخاوف، وحصل القتال وكثرت الفوضى، فلأجل ذلك شرعت طاعة ولاة الأمور.
ويشترط في طاعتهم: ألا تكون في معصية الله، ولا تخالف شيئاً من شرع الله، فلذلك ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ، وقال: (إنما الطاعة في المعروف) ، وإذا كان اجتماع المسلمين على أميرهم أو على واليهم فيه مصلحة فإن من تمام مصلحتهم، ومن تمام طمأنينتهم وحياتهم وسعادتهم ألا ينزعوا يداً من طاعة، وألا يفارقوا جماعة المسلمين، وألا ينبذوا إليهم أمرهم، وألا ينقضوا بيعتهم؛ فبذلك تثبت البلاد وتطمئن، ويأمن العباد على أنفسهم وعلى أموالهم، وبذلك يؤخذ الحق للمظلوم من الظالم، ويؤخذ على يد الظالم، ويُقهر على الحق، ويقصر عليه، ويضرب على يد الظالم بيد من حديد؛ فتأمن البلاد كلها، ويذهب عنها الخوف والفتن والزعازع، هذا هو السبب الذي لأجله أمرنا بطاعة ولاة أمورنا.