الرجاء الصادق له علامة، وهي: صدق الطلب وصدق المواصلة، فإذا قلت لإنسان: أما ترجو ربك؟ فيقول: أنا أرجوه، ألا ترجو رحمة الله؟ ألا ترجو ثوابه وجنته؟ فيقول: بلى، أنا راجٍ له.
لابد أن تقول له: أين علامة الرجاء؟ علامة صدق الرجاء: هو الطلب، من رجا شيئاً طلبه، إذا كنت ترجو الجنة فلابد أن تبذل لها ثمناً، وثمنها هو الحسنات والأعمال الصالحة، فأما من يقول: أنا أرجو ثواب الله وأرجو رحمته وأرجو جنته، ولكنه لا يقدم لها ثمناً، فإنه لا تحصل له هذه الجنة، فهي غالية، ليست رخيصة، ولابد لها من ثمن.
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسلان كذلك نقول لمن يقول: إني أخاف النار، نقول له: أما تخاف النار؟ فإن قال: بلى؛ أخاف النار، نقول له: أين علامة الخوف؟ لابد للخوف من علامة، فعلامة ذلك: أن تهرب من أسباب دخولها، وهي السيئات، وتبتعد عنها، فإذا ابتعدت عن السيئات، وتركت المخالفات، ولازمت الطاعات حق الملازمة، يصدق عليك أنك من الخائفين حقاً، فإذا قلت: أنا خائف من العذاب، وأنت مع ذلك تكثر من الذنوب، وتكثر من السيئات، ولا تخاف من عاقبتها، فلست بصادق حينئذٍ.
تذكر -عبد الله! - أن الجنة قد أخرج منها أبونا آدم بذنب واحد، قال بعض السلف: (آدم أخرج من الجنة بذنب واحد، وأنتم تعملون الذنوب وتكثرون منها، وترجون بها دخول الجنة!) .
وقال في ذلك بعضهم: يا ناظراً يرنو بعيني راقد ومشاهد للأمر غير مشاهد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان بها وفوز العابد ونسيت أن الله أخرج آدم منها إلى الدنيا بذنب واحد لا شك أن الخوف قليل في قلوبنا، وكذلك الرجاء غير محقق في صدورنا، والله المستعان!