ذكرنا أن من أركان الإيمان: الإيمان بالملائكة، الملائكة واحدهم ملَك، بفتح اللام، هذا النوع خلق من خلق الله، وهم أرواح لا نراهم، لا نشك بأنهم يتجسدون وأنهم يصعدون وينزلون، وأنهم يتصلون بالإنسان ويتكلمون، وأن الملك يتمثل إنساناً ويكلم النبي، وينزل عليه بالوحي.
وقد سمى الله تعالى منهم في القرآن اثنين كما في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98] سمى الله جبريل وميكال، وجِبريل قرئ جبرائيل وجبريل وجَبريل، يعني: بعدة قراءات، وهو مسمى واحد، وذكر الله ملك الموت في قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة:11] وسمي في بعض الروايات بعزرائيل، وسمي في الحديث أيضاً ملك رابع وهو: إسرافيل، وسمي ملك خامس وهو: مالك، كما في قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:77] ، وذكر الله في القرآن خزنة النار وخزنة الجنة كما في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الزمر:71] ، وفي الجنة: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} [الزمر:73] ، وفي قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الملك:8] الخزنة: هم الموكلون بها، فالملائكة خلق من خلق الله تعالى، لا يحصي عددهم إلا الله تعالى، لما نزل قول الله تعالى في النار: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر:30] قال المشركون: ما داموا تسعة عشر فنحن أكثر منهم؛ سنغلبهم، فأنزل الله قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً} [المدثر:31] إلى قوله: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر:31] أي: جنوده الذين هم الملائكة لا يعلم عددهم إلا هو، وورد في الحديث: (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم أو ملك راكع أو ساجد) .