قال رحمه الله: [والقرآن قد ضرب الله للناس فيه من كل مثل، وهي المقاييس العقلية المفيدة للمطالب الدينية، لكن القرآن يبين الحق في الحكم والدليل {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ} [يونس:32] ، وما كان من المقدمات معلومة ضرورية متفقاً عليها استدل بها ولم يحتج إلى الاستدلال عليها.
والطريقة الصحيحة في البيان أن تحذف، وهي طريقة القرآن، بخلاف ما يدعيه الجهال الذين يظنون أن القرآن ليس فيه طريقة برهانية، بخلاف ما قد يشتبه ويقع فيه نزاع فإنه يبينه ويدل عليه] .
طريقة القرآن ضرب الأمثلة، وكثيراً ما تأتي الأمثلة على معبودات المشركين، كقوله تعالى: {ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج:73] إلى آخرها، وقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ} [الزمر:29] هذا أيضاً مثل لمن يعبد إلهاً واحداً ومن يعبد آلهة متفرقين، ومثل ذلك قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الروم:28] يقول: هل ترضى أن يكون مملوكك شريكاً لك في مالك وشريكاً لك في أهلك؟ إذا كنت لا ترضى فهذه الآلهة مملوكة لله، فكيف تكون شريكة له في العبادة؟! فالقرآن ضرب الأمثلة لأجل إقناع من يستمع ذلك، وطريقته هي إيضاح الحجج بهذه الأمثلة، بحيث يحذف المقدمات التي لا حاجة إليها اختصاراً ويقتصر على الشيء المهم، وبالجملة فكل من تأمل الأدلة اتضح له أن توحيد الإلهية أدلته واضحة الدلالة، فعليه أن يقتنع به ويقنع الخصم.