المعجزات والخوارق

عرف المسلمون نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وشهدوا له بالرسالة، والطريق إلى معرفته والتصديق له ما أيده الله تعالى به من المعجزات التي دلت على صدقه.

ومعروف أنه بشر، وأنه واحد من الناس، ولكن معلوم أن الله سبحانه يصطفي رسلاً من خلقه فينزل عليهم الآيات البينات بواسطة الملك، ويوحي إليهم من شرعه ما يشاء.

فإذاً الرسل الذين يرسلهم إلى خلقه ويؤيدهم بهذه المعجزات يعرف صدقهم لعدة أسباب: منها ما يأتون به من الآيات والمعجزات، كما حصل لكثير من الأنبياء، فإن كلاً من الأنبياء أتى بمعجزات دلت على صدقه.

فموسى أيده الله بعصاه التي تنقلب إلى حية، وبيده التي تخرج بيضاء، وبالطوفان، وبما أرسله على آل فرعون في قوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ} [الأعراف:133] ، وبالغمام الذي ينزل ليظللهم، وبالحجر الذي يتفجر منه الأنهار، وبإنزال المنِّ والسلوى، وغير ذلك من المعجزات.

وعيسى كذلك أخبر الله تعالى أنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله، وأخبر بأنه ينبئهم بما يأكلونه وما يدخرونه في بيوتهم، فيخبرهم بأشياء يخفونها، وأيد هذا بكتابه الذي هو الإنجيل.

ونبينا عليه الصلاة والسلام أيده الله تعالى بمعجزات، وقد استوفاها العلماء في كتب كثيرة تسمى (دلائل النبوة) من إخباره بمغيبات مما اعتمده من وحي الله سبحانه وتعالى، وكذلك ما يقع منه من بركة طعام وبركة شراب وبركة ماء، وما أشبه ذلك.

وهكذا ما يخبر به من الأمور التي لم تقع فتقع كما أخبر، وذلك كله اعتمادٌ على وحي الله عز وجل.

وهكذا ما وقع من المعجزات له، كحنين الجذع له، وتسبيح الحصى بين يديه، وسكون الجمل لما اضطرب وسكنه، وما أشبه ذلك.

ولو لم يكن إلا تأييده بهذا القرآن الذي أنزله، وجعله معجزاً، وتحداهم أن يأتوا بمثله لكفى، والكلام على هذا يطول.

ومما أيدهم الله تعالى به أيضاً أن جعل وجوههم دالة على صدقهم، كما في البيت: لو لم يكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تأتيك بالخبر فلو لم يؤيده الله بهذه المعجزات لكان وجهه وبشره وطلاقته دليلاً على صدقه، فقد كان مأموناً قبل الإسلام، وكانوا يسمونه بالصادق الأمين، وكان أيضاً حسن الملاطفة، لا يأتي شيئاً من الذي ينكر في الجاهلية وذلك لأن الله حماه واصطفاه واختاره، وكان أيضاً موثوقاً عندهم بكلامه، لا يقول إلا الصدق ولا يتكلم إلا بالصدق، كما شهد له بذلك أعداؤه، فإنه لما سأل هرقل أبا سفيان بقوله: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: لا.

قال: إنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015