سمعنا أن الماتن والشارح رحمهما الله تطرقا إلى وحدة الإسلام، الذي هو دين الله الذي رضيه لنفسه، فقال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينَاً} [المائدة:3] ، ورد ما سواه من الأديان فقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينَاً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85] ، وأن أصل هذا الدين واحد عليه جميع الأنبياء، الوحدة والوحدانية اتفق عليها رسل الله، اتفقوا كلهم على الدعوة إلى التوحيد، فكل منهم يبدأ دعوته فيقول: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:59] .
فالتوحيد هو دين جميع الرسل، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] أي: كل الرسل أوحيت إليهم هذه الكلمة، وأمروا بها، وبلَّغوها إلى قومهم، وإن كانت الشرائع متنوعة، كما حكى الله عن عيسى أنه قال: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران:50] فأحل لهم أشياء كانت محرمة عليهم في شريعة الأنبياء قبله، وكذلك حكى الله عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، أي: أنه قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كان عليهم آصار يعني: أثقال من التكاليف، وأغلال من الأوامر والنواهي، وتشديدات، وأن تلك الآصار والأغلال وضعت وخُفف عنهم في هذه الشريعة التي هي خاتمة الشرائع.