مفاسد اختلاف التضاد

اختلاف التضاد سبب التفرق بين المسلمين، وسبب ضياع الحقوق، وسبب التعصب، فكل طائفة تعرف الحق ولكنها تتعصب للباطل.

فلو قرأنا مثلاً كتب المعتزلة، لوجدنا فيها من التعصب والتشدد والتكلف في صرف الأدلة الشيء العجاب! ولو قرأنا كتب الخوارج أو الإباضية الموجودين في عمان؛ لعرفنا أنهم يعرفون الحق ثم ينكرونه، وكذلك إذا قرأنا الكتابات التي يكتبها هؤلاء المخالفون.

فالفرق الذين تفرقوا في هذه الأزمنة -وما أكثرهم! - كطائفة البعث، وطائفة العلمانيين ونحوهم، لا شك أنهم قد اتضح لهم الحق، وعرفوا الأدلة؛ ولكن لما لم تكن أهواؤهم منقادة نحو تلك الأدلة، ونحو العمل بها، تمسكوا بالباطل وتشبثوا به، وقدموا الباطل على الحق، فكان هذا هو السبب في كثرة الفرق، وتفرقت فرق الأمة، وصار بعضهم يضلل بعضاً، ويخالف بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض.

فمن الفرق ما يصل إلى حد الكفر، كفرقة غلاة الجهمية فقد أخرجهم كثير من الأمة ومن العلماء من الثنتين والسبعين فرقة، وقالوا: ليسوا من فرق الأمة، وكفرقة الفلاسفة والباطنية.

وفي هذه الأزمنة فرقة الدروز، وهم موجودون في سورية ولبنان، ذكر لنا بعض المشايخ أنهم عثروا على واحد منهم في الرياض وهو سكران، فجاءوا به ليعاقبوه؛ ولكن شهد عليه أناس أنه لا يصلي، فسألوه فقال: أنا لا أصلي.

قالوا: مكتوب في جوازك وفي إقامتك أنك مسلم، لماذا لا تصلي؟! فقال: ليس في ديننا صلاة، فبحثوا عنه فإذا هو درزي.

الدروز يكتبون في هوياتهم أنهم مسلمون! أين الإسلام؟! إسلام بلا صلاة؟! وكثير من الذين اهتدوا منهم قاطعوهم، قاطعوا أولادهم الذين اهتدوا أو بناتهم وتبرءوا منهم، بل لو وجدوهم لقتلوهم، من اهتدى منهم ورجع إلى الإسلام اغتالوه وقتلوه، وكانوا يخفون كتبهم التي فيها معتقداتهم؛ ولكن تسربت في هذه الأزمنة ولم يستطيعوا أن يخفوها، لوجود المطابع وآلات التصوير، ولوجود الناسوخ ونحوه، والذي يصور من بعيد، فافتضحوا وظهرت بذلك عقائدهم المشينة، فاتضح أنهم ليسوا من فرق الأمة.

وكذلك فرقة النصيرية موجودة في سورية وفي غيرها، وقديماً قد كتب عنهم العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية له رسالة فيهم مطبوعة مفردة، ومطبوعة مع المجموع، بين فيها فضائحهم وعقائدهم السيئة، إذا نظرنا في عقيدتهم قلنا: هؤلاء أكفر من اليهود والنصارى، وذلك لبعدهم عن الإسلام، ومع الأسف أنه يُكتب في بطائق هوياتهم: مسلم، وليس معهم إلَّا مجرد الاسم.

وهكذا غلاة الرافضة الذين يكفرون أجلاء الصحابة، ويطعنون في القرآن، لا شك أنهم يصلون إلى مرتبة الكفر، وذلك لأنهم إذا كانوا لا يؤمنون بالكتاب والسنة فماذا بقي عندهم؟! وبكل حال: فهذه فرق خرجت من ملة الإسلام، أما بقية الفرق فيمكن أن تكون من المسلمين، ويعمهم اسم المسلمين؛ لأنهم يصلون ويدينون بالإسلام، ولكن بدعتهم مضللة لا توصلهم إلى حد الكفر، كبدعة الإباضية الموجودين في عمان، وكذلك كثير من المبتدعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015