الدخان المذكور في هذا الحديث قيل: إنه المذكور في سورة الدخان في قول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:10-11] ، وقد ذهب بعض الصحابة: إلى أنه شيء قد مضى، ومنهم ابن مسعود، قال: إن الدخان قد مضى، وأن المراد به الجوع الذي حصل لقريش لما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبع سنين تصيبهم كسبع يوسف لما لم يطيعوه، فأصابتهم سنة، يعني: قحط، فتأخر عليهم المطر، حتى أكلوا الجلود، وصار أحدهم من شدة الجوع ينظر إلى ما بينه وبين السماء فينظر كهيئة الدخان من الغشاوة التي على أبصارهم، فكان ذلك هو الدخان الذي ذكر في هذه الآية: ((يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ)) ، وهذا تفسير ابن مسعود، والجمهور: على أنه لم يأت، وأنه شيء يكون بين يدي الساعة، وأنه دخان حقيقي يغشى الكثير من الناس كما تغشاهم الرياح، وكما يغشاهم الغبار، بحيث يحول بينهم وبين نظرهم إلى السماء أو نحو ذلك، وأنه يعم البلاد، وهذا هو الذي ورد في بعض الأحاديث، وهو من جملة أشراط الساعة.
وبكل حال يحتمل أنه الذي ذكره ابن مسعود، وأنه ما حصل لقريش من الجهد حتى رءوا بينهم وبين السماء مثل الدخان، أو أنه شيء منتظر، والآية محتملة لذلك.
كذلك أيضاً من أشراط الساعة ما ذكر في بعض الأحاديث من البطشة، ولكن قيل: إنها مضت، وقوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان:16] الصحيح أنها قد وقعت، وأنها غزوة بدر.
وقيل: إن من أشراط الساعة اللزام المذكور في آخر سورة الفرقان: (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان:77] ، وقيل: إن هذا اللزام هو القحط والعذاب الذي وقع بقريش لما لم يطيعوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه عذاب مستمر مستقبل، وسوف يحصل، ولعل الأقرب ما ذكر أنه ما نزل بهم من القحط الذي نزل بهم مدة طويلة، حتى هرعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يدعو لهم، فدعا لهم، فرحمهم الله، وأزال عنهم القحط الذي نزل بهم.