حديث غدير خُم الصحيح منه ما رواه مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: (لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بعد حجة الوداع وأقبل على المدينة نزلوا في أثناء الطريق في موضع يقال له: خُم، وكان هناك غدير فأقاموا عليه يوماً أو بعض يوم، فخطب خطبة وأوصاهم في هذه الخطبة، وذكر لهم قرب أجله، وكأن الله تعالى قد أطلعه على قرب وفاته، فقال: إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي -أي: الملَك الذي يقبض روحي- فأجيب) وذكر أنه تاركٌ فينا ثقلين، وفي رواية صحيحة أنه قال: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وسنتي) ، وهما المرجع الذي يُرجع إليه عند التنازع كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] أي: إلى الكتاب والسنة، هكذا قال: (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسنتي) ، وفي هذا الحديث قال: (إني تاركٌ فيكم الثقلين: أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.
فحث على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي) يقول الرواي: فقلنا لـ زيد: ومَن أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: نساؤه من أهل بيته؛ ولكن أهل بيته هم الذين حُرِموا الزكاة بعده -يعني: بني هاشم الذين لم تحل لهم الزكاة-، فعدَّ منهم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل أبي طالب وآل عقيل، يعني: بني هاشم، فكأن زيداً يقصد بذلك أن أقاربه يستوصى بهم خيراً، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: (والذي نفسي بيده لا يؤمنوا حتى يحبوكم لله ولقرابتي) ؛ لما ذكر له العباس أن بعض قريش يجفوا بني هاشم، فدل على أن لأقاربه -الذين هم بنو هاشم- ميزة وفضيلة؛ وذلك لشرف القرب من النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنهم صفوة صفوة في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى من العرب كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) فهو صلى الله عليه وسلم خيار من خيار.