نحمد الله أن جعلنا مسلمين، نحمد الله أن جعلنا سنيين، نحمد الله أن جعلنا من أهل الحق، علينا أن نحمد الله لِمَا نرى من كثرة المنحرفين، ولِمَا نرى من كثرة المعرضين الذين سول لهم الشيطان وأملى لهم، {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [فاطر:8] ، فنحمد الله الذي لم يجعلنا من المعتزلة، ولم يجعلنا من المنكرين للقدر، ولم يجعلنا من المجبرة، ولم يجعلنا من الرافضة، ولم يجعلنا مبتدعة، بل جعلنا من المتمسكين بالكتاب والسنة، بكتاب الله الذي جعله الله هدىً لمن سار عليه، ونوراً يُهتدى به، ويُحتذى حذوه، وكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي سبيل النجاة، وهي سفينة النجاة، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وما أكثر الغرقى في هذه الأزمنة! ما أكثر الغارقين! تراهم يقولون: نحن أهل نجاة وهم شيعة ورافضة!! أو يقولون: نحن أهل النجاة وهم خوراج وإباضية!! أو يقولون: نحن أهل النجاة وهم مبتدعة بغاة!! أو يقولون: نحن أهل النجاة ويسمون أنفسهم حداثيين أو علمانيين أو ما أشبه ذلك! ومع ذلك يدعون أنهم على الحق والصواب، وما أبعدهم عن الصواب! يرون الحق أبلج، يرون النور المستقيم، والهدى القويم، وهم عنه معرضون! وأكبر مثال: طعن الرافضة في الصحابة رضي الله عنهم، ما ذنب الصحابة حتى تقدح فيهم الرافضة؟! أيُقدح فيهم لأنهم حفظوا السنة؟! أيُقدح فيهم لأنهم بلَّغوها؟! أيُقدح فيهم لأنهم سبقوا إلى الإسلام؟! أيُقدح فيهم ويُعابون ويكفَّرون لأنهم حفظوا على الأمة دينها؟! أيُقدح فيهم ويُعابون ويكفَّرون لأنهم الذين فتحوا البلاد، ونصروا الله ونصروا رسوله؟! هذه مآثرهم، متى كان للرافضة مثل هذه المآثر حتى يلعنوهم ويسبوهم ويُكفروهم ويتهموهم بأنهم منافقون وبأنهم ضالون وبأنهم مبتدعون وبأنهم حَسَدة خائنون؟! هذه الأوصاف تنطبق على الرافضة أتم الانطباق، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها برآء، نشهد بذلك وندين به.
ومَرَّ بنا أن الرافضة يكرهون كلمة (عشرة) ؛ لأنه ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عشرة في الجنة) ، فهؤلاء العشرة لما كانوا يكفِّرونهم صار لفظ (العشرة) عندهم ممقوتاً مكروهاً لا يقبلونه ولا يتقبلونه، مع أنهم يستثنون منهم واحداً فقط وهو علي، وأما بقيتهم فإنهم يلعنونهم ويشتمونهم، فيكفرون تسعة من هؤلاء العشرة، والعاشر يوالونه ويتولونه، لماذا كرهتم لفظ العشرة ولم تكرهوا لفظ التسعة؟! أليس ذلك من الخطأ؟! ما ذنب لفظ كلمة (عشرة) ؟! ما ذنبها؟! مع أنها وردت في كلام الله تعالى، وفي كلام الرسول، وفي كلام أهل العلم؟ فقد ورد ذكرها وتكرر، ولم يرد ما يفيد ذمها؛ ولكن في قلوبهم حقد على هؤلاء العشرة ما عدا علياً، وحقد أيضاً على جميع الصحابة إلَّا أفراداً منهم قلة قليلة.