الْقُرْآنِ. فَإِنَّ الْقُرْآنَ إِمَّا خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْعِلْمِيُّ الْخَبَرِيُّ. وَإِمَّا دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعُ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ. وَإِمَّا أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِلْزَامٌ بِطَاعَتِهِ، فَذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ التَّوْحِيدِ وَمُكَمِّلَاتِهِ. وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ إِكْرَامِهِ لِأَهْلِ تَوْحِيدِهِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَمَا يُكْرِمُهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ جَزَاءُ تَوْحِيدِهِ. وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّكَالِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْعُقْبَى مِنَ الْعَذَابِ فَهُوَ جَزَاءُ مَنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ.

فَالْقُرْآنُ كُلُّهُ فِي التَّوْحِيدِ وَحُقُوقِهِ وَجَزَائِهِ، وَفِي شَأْنِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ وَجَزَائِهِمْ. فَـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] تَوْحِيدٌ، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] تَوْحِيدٌ، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] تَوْحِيدٌ، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] تَوْحِيدٌ، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] تَوْحِيدٌ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرِيقِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] الَّذِينَ فَارَقُوا التَّوْحِيدَ.

وَكَذَلِكَ شَهِدَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا التَّوْحِيدِ، وَشَهِدَتْ لَهُ بِهِ مَلَائِكَتُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015