) فسوى بدنه كالقالب لنَفسِهِ فتسوية الْبدن تَابع لتسوية النَّفس قَالَ وَمن هَا هُنَا يعلم أَنَّهَا تَأْخُذ من بدنهَا صُورَة تتَمَيَّز بهَا عَن غَيرهَا فَإِنَّهَا تتأثر وتنفعل عَن الْبدن كَمَا يتأثر الْبدن وينفعل عَنْهَا فيكتسب الْبدن الطّيب والخبيث مِنْهَا كَمَا تكتسبهما هِيَ مِنْهُ قَالَ بل تميزها بعد الْمُفَارقَة يكون أظهر من تميز الْأَبدَان والإشتباه بَينهمَا أبعد من إشتباه الْأَبدَان فَإِن الْأَبدَان تشتبه كثيرا وَأما الْأَرْوَاح فقلما تشتبه قَالَ ويوضح هَذَا أَنا لم نشاهد أبدان الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة وهم يتميزون فِي علمنَا أظهر تميز وَلَيْسَ تميزا رَاجعا إِلَى مُجَرّد أبدانهم بل هِيَ بِمَا عَرفْنَاهُ من صِفَات أَرْوَاحهم وَأَنت ترى أَخَوَيْنِ شقيقين مشتبهين فِي الْخلقَة غَايَة الإشتباه وَبَين روحيهما غَايَة التباين وَقل أَن نرى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إِلَّا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وَقل أَن ترى آفَة فِي بدن وَفِي روح صَاحبه آفَة تناسبها وَلِهَذَا تَأْخُذ أَصْحَاب الفراسة أَحْوَال النَّاس من أشكال الْأَبدَان وَقل أَن ترى شكلا حسنا وَصُورَة جميلَة وتركيبا لطيفا إِلَّا وجدت الرّوح الْمُتَعَلّقَة بِهِ مُنَاسبَة لَهُ قَالَ وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة تتَمَيَّز من غير أبدان تحملهم وَكَذَلِكَ الْجِنّ فالأرواح البشرية أولى إنتهى وَوَقع فِي كَلَام الْغَزالِيّ فِي الدرة الفاخرة أَن روح الْمُؤمن على صُورَة النحلة وروح الْكَافِر على صُورَة الجرادة وَهَذَا شَيْء لَا يعرف لَهُ أصل بل وَقع فِي حَدِيث الصُّور أَن إسْرَافيل يَدْعُو الْأَرْوَاح فَتَأْتِيه جَمِيعًا أَرْوَاح الْمُسلمين تتوهج نورا وَالْأُخْرَى مظْلمَة فيجمعها جَمِيعًا فيعلقها فِي الصُّور ثمَّ ينْفخ فِيهِ فَيَقُول الرب جلّ جَلَاله وَعِزَّتِي ليرجعن كل روح إِلَى جسده فَتخرج الْأَرْوَاح من الصُّور مثل النَّحْل قد مَلَأت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَيَأْتِي كل روح إِلَى جسده فَتدخل فتمشي فِي الأجساد مثل السم فِي اللديغ فَقَوله مثل النَّحْل لَيْسَ تَشْبِيها فِي الْهَيْئَة والصور بل هُوَ فِي الْخُرُوج وهيئته فَقَط وَمثله قَوْله تَعَالَى {يخرجُون من الأجداث كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر} وَفِي لفظ هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِير جُوَيْبِر فتأتي أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ من الْجَابِيَة وأرواح الْكفَّار من برهوت ولهن