وقوله: بآية: علامة: وآية هنا مضافة إلى الجملة بعدها، أو إلى المصدر المؤول من (ما والفعل) وتهاديا: منصوب ب جاءت، إما على أنه مصدر وإما على أنه مصدر مؤول بالحال أي: جاءت متهادية.
هذا، وقالوا إن سحيما هذا كان عبدا حبشيا، ونسبوا إليه مع غيره أشياء يشكك في صحتها.
منها أنه كان يرتضخ لكنة حبشية، وأنه كان ينشد الشعر ويقول: أهشند والله يريد:
أحسنت. وأنه أنشد عمر قصيدته التي فيها (كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا) فقال له عمر: (لو قدمت الإسلام لأجزتك) فقال: ما سعرت - يعني ما شعرت أما كونه كان يرتضخ لكنة أعجمية في الجاهلية وهو يقول الشعر الممتاز، فهذا لا يكون لأن قوله الشعر، يعني أنه ولد بين العرب وأخذ لغتهم وأجاد نطقهم ونسي لهجة قومه. وميله إلى لهجة الحبشة الأعجمية يعني أنه جاء إلى الجزيرة كبيرا، فتعلم العربية. وهذا لا يؤهله لقول هذا الشعر الفصيح ولعله إذا قال «سعرت، أو أهشند» كان ذلك بسبب عيب خلقي في اللفظ، فصادف ذلك شبها باللكنة الأعجمية. وقد كذبوا على بلال أيضا وزعموا أنه كان يقول في الأذان (أسهد أن لا إله إلا الله) وهذا لم يثبت.
أما قولهم إن عمر قال له: لو قدمت الإسلام .. الخ لأجزتك: فهذا أيضا مشكوك فيه فعمر لم يكن يجيز الشعراء على قول الشعر، وإنما كان يعطي كل مسلم عطاءه من بيت مال المسلمين. وقول عمر لو قدّمت الإسلام .. الخ فإن عمر لا يقول هذا: لأنه يعلم أن هذا شعر، وتقديم الإسلام يفسد البيت. وأن الواو العاطفة لا تعني الترتيب ولا تعني أنه يجعل الشيب أكثر نهيا من الإسلام.
وكيف يجيزه عمر على هذه القصيدة، وفيها من الفحش والفجور، ما لو سمعه عمر لجلده وغربه عليه. اسمع ماذا يقول في قصته مع عمرة، أو (عميرة) يصف خلوة بها:
توسدني كفّا وتثني بمعصم … عليّ وتحوي رجلها من ورائيا
فما زال بردي طيّبا من ثيابها … إلى الحول حتى أنهج البرد باليا
وفي قصته أشياء كثيرة متناقضة، تجعله شخصية أقرب إلى الخيال.
وعلماء النحو واللغة والأدب الأقدمون، مع علوّ منزلتهم في فهم النص الأدبي