شرح الشفا (صفحة 764)

هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ (ومنهم من آمن بالله وحده) أي وسفه من عبد غيره (من قبل الرّسول صلى الله تعالى عليه وسلم) أي من قبل إرساله (بدليل عقله وصفاء لبّه) أي آمن بتوحيد ربه كزبد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعد وكذا ورقة بن نوفل إلا أنه أدرك البعثة وآمن به وتشرف بالصحبة؛ (ولمّا جاءهم) أي العرب (الرّسول بكتاب الله) وهو القرآن الكريم والفرقان القديم (فهموا حكمته) أي لحدة فطنتهم وشدة معرفتهم (وتبيّنوا بفضل إدراكهم) أي بزيادة قابليتهم وأهليتهم (لأوّل وهلة معجزته فآمنوا به) أي بعضهم أولا وجلهم آخرا (وازدادوا كلّ يوم إيمانا) أي واكتسبوا يوما فيوما إحسانا وإيقانا (ورفضوا الدّنيا) أي تركوها (كلّها) أي مالها وجمالها (في صحبته) أي وبيمن همته وبركة متابعته (وهجروا ديارهم وأموالهم) أي وفارقوهما باختيارهم (وقتلوا آباءهم وأبناءهم) أي وسائر أقاربهم وأحباءهم (في نصرته) أي في نصرة دينه وقوة يقينه؛ (وأتي) أي وأورد ذلك البعض من العلماء (في معنى هذا) أي المبنى من عبارات البلغاء واعتبارات الفصحاء وإشارات العقلاء (بما يلوح له رونق) أي بما يلمع له ضياء ويلمح له صفاء (ويعجب منه) بصيغة المفعول أي ويبرق من أثره وظهور أمره (زبرج) بكسر الزاء والراء بينهما موحدة ساكنة وفي آخره جيم أي زينة من ذهب أو جوهر أو وشي (لو احتيج إليه) أي إلى كلامه (وحقّق) أي أمره في مرامه، (لكنّا) يروى فقد (قَدَّمْنَا مِنْ بَيَانِ مُعْجِزَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وظهورها) أي ووضوح أمرها (مَا يُغْنِي عَنْ رُكُوبِ بُطُونِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ وظهورها) مثل معقولات المعاني بمحسوسات المباني وقصد الاستغناء عن هذه الاستعلاء ونحن نقول لا منع من الجمع فإن الآيات والمعجزات لكل منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع (ورضي الله تعالى عنهم وبالله أستعين) أي في كل وقت وحين (وهو حسبنا) أي كافينا ووافينا وشافينا (ونعم الوكيل) أي اعتمادا واستنادا معاشا ومعادا باطنا وظاهرا وأولا وآخرا والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه نجوم الاقتداء والاهتداء وعلى اتباعهم من العلماء والأولياء والحمد الله الذي هدانا لهذا وأغنانا عما سواه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم اختم لنا بالخيرات أعمالنا وبالمبرات آجالنا وبالمسرات أحوالنا واغفر لنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات آمين آمين آمين يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقد تم نصف الكتاب بعون الملك الوهاب ويتلوه القسم الثاني الذي ليس له ثان في هذا الباب عند أرباب الألباب والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب حرره مصنفه الجاني في أوائل جمادى الثاني من شهور عام عشرة بعد الألف السابع من عالم المباني رحمه الله تعالى رحمة واسعة بمنه آمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015