وَلَوْ وَجَدُوا فِي الْغَنَائِمِ صَلِيبًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ تَمَاثِيلَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ فِيهَا التَّمَاثِيلُ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْسِرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَيَجْعَلَهُ تِبْرًا.

لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَهُ أَوْ بَاعَهُ كَذَلِكَ، رُبَّمَا يَبِيعُهُ مَنْ يَقَعُ فِي سَهْمِهِ مِنْ بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يَزِيدُوا لَهُ فِي ثَمَنِهِ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي لِبَاسِهِ، أَوْ فِي أَنْ يَعْبُدُوهُ. فَلْيُتَحَرَّزْ عَنْ ذَلِكَ بِكَسْرِ الصَّلِيبِ وَالتَّمَاثِيلِ.

وَاَلَّذِي يُرْوَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ بِهَا لِتُبَاعَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ. فَقَدْ اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ عَلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ، ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيلَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ. فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فَلَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهَا وَبَيْعِهَا قَبْلَ أَنْ تُكْسَرَ. لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُلْبَسُ، وَلَكِنَّهُ يُبْتَذَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَتَبَايَعُونَ بِدَرَاهِمِ الْأَعَاجِمِ فِيهَا التَّمَاثِيلُ بِالتِّيجَانِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ عَنْ الْمُعَامَلَةِ بِذَلِكَ. وَإِنَّمَا يُكْرَهُ هَذَا فِيمَا يُلْبَسُ أَوْ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ الصَّلِيبِ وَنَحْوِهَا.

1940 - وَحُكْمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَحُكْمِ مَا لَوْ أَصَابُوا بَرَابِط وَغَيْرَهَا مِنْ الْمَعَازِفِ. فَهُنَاكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْسِرَهَا ثُمَّ يَبِيعَهَا أَوْ يَقْسِمَهَا حَطَبًا. قَالَ: إلَّا أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أَنْ يَكْسِرَهَا مِمَّنْ هُوَ ثِقَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَرْغَبُ فِيهَا لِلْحَطَبِ لَا لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحِلُّ، فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ. فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ شَرْعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015