فَإِذَا انْعَدَمَ الرِّضَا بَقِيَ اعْتِبَارُ النُّقْصَانِ، فَكَانَ ذَلِكَ حَصَلَ بِغَيْرِ صَنِيعِ أَحَدٍ، وَذَلِكَ يُمَكِّنُهُ مِنْ الرُّجُوعِ (ص 348) بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ.

1938 - وَإِذَا أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ فَكَانَ فِيهَا مُصْحَفٌ لَا يُدْرَى أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ تَوْرَاةٌ أَوْ إنْجِيلٌ أَوْ زَبُورٌ أَوْ كُفْرٌ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، مَخَافَةَ أَنْ يَضِلُّوا بِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُسَبِّبُ لِفِتْنَتِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَذَلِكَ لَا رُخْصَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَبِيعُ مِنْ مُسْلِمٍ.

لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَيْضًا فَيَضِلُّوا بِسَبَبِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يَقْسِمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.

لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيَضِلُّوا بِسَبَبِهِ. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَرِّقَ بِالنَّارِ ذَلِكَ أَيْضًا.

لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِمَّا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَفِي إحْرَاقِهِ بِالنَّارِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ مَا لَا يَخْفَى.

وَاَلَّذِي يُرْوَى أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَ ذَلِكَ بِالْمَصَاحِفِ الْمُخْتَلِفَةِ حِينَ أَرَادَ جَمْعَ النَّاسِ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ لَا يَكَادُ يَصِحُّ. فَاَلَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ مِنْ تَعْظِيمِ الْحُرْمَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى تِلَاوَتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015