لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّهَا إلَّا بِأَنْ يَسْقِيَهَا وَيَعْلِفَهَا، فَرُبَّمَا لَا تَنْقَادُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَرْكَبْهَا، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلَ الرِّضَى مِنْهُ. وَأَمَّا الرُّكُوبُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِحَمْلِ أَمْتِعَتِهِ عَلَيْهَا فَدَلِيلُ الرِّضَا مِنْهُ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ آيَةَ رِضَاهُ بِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ.
1931 - وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَجِدْ دَابَّةً أُخْرَى أَوْ وَجَدَهَا.
لِأَنَّ الْعُذْرَ الَّذِي لَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى حَقِّ الْبَائِعِ، وَالرُّكُوبُ لِحَاجَتِهِ دَلِيلُ الرِّضَا، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِالرِّضَا.
1932 - فَإِنْ أَتَى الْإِمَامَ وَأَخْبَرَهُ خَبَرَهَا فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ: ارْكَبْهَا فَرَكِبَهَا بِأَمْرِهِ، لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهَا أَيْضًا.
لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي الْتَمَسَ ذَلِكَ مِنْ الْإِمَامِ، وَقَدْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ قَبْلَ أَمْرِهِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِهِ أَمْرَهُ بَعْدَ أَنْ يَرْكَبَهَا طَائِعًا.
1933 - فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ حِينَ خَافَ الْهَلَاكَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَقَصَهَا رُكُوبُهُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَعَيَّبَتْ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهَا رُكُوبُهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ.
لِأَنَّ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ يَنْعَدِمُ الْفِعْلُ مِنْ الْمُكْرَهِ، وَيَصِيرُ آلَةً لَهُ، إنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِالْقَتْلِ. وَإِنْ كَانَ بِالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ يَنْعَدِمُ بِهِ الرِّضَا. وَإِنَّمَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ رَدَّهَا بَعْدَ الرُّكُوبِ لِوُجُودِ دَلِيلِ الرِّضَا. فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ مُكْرَهًا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّهَا.