يَوْمَ صَفَّيْنِ، فَقَالَ: لَا تَقْتُلْنِي. قَالَ: لَا أَقْتُلُك صَبْرًا، إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ سِلَاحَهُ لِلَّذِي جَاءَ بِهِ.

وَإِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ، حَتَّى إذَا وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ حَيًّا، وَعَلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا. وَهُوَ أَيْضًا تَأْوِيلُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَغْنَمْ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْجُمَلِ إلَّا الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ. أَيْ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى أَصْحَابِهِ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى عَدُوِّهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ لَا يَصِيرُ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِحَالٍ

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُخَمِّسْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا طَالَبُوهُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ قَالَ: فَمَنْ يَأْخُذُ مِنْكُمْ عَائِشَةَ؟ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ. فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى مَنْ دَفَعَ لِحَاجَتِهِ، حَتَّى يُقَاتِلَ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ بَعْدَ مَا وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا.

1910 - وَإِذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفُ أَوْ الْإِسْلَامُ. فَأَمَّا نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَهُمْ فَيْءٌ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ» .

وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِحْيَاءِ الِاسْتِرْقَاقُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] وَالْمُرَادُ بِالشَّرْخِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ.

ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حَالَهُمْ كَحَالِ الْمُرْتَدِّينَ، وَالنِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ بَعْدَ مَا صَارُوا أَهْلَ حَرْبٍ يُسْتَرَقُّونَ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ إلَّا أَنَّ أُولَئِكَ يُجْبَرُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015