- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَّا» .
وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُمَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِسَائِرِ الْغَنَائِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَمْرَ فِيهَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِي مَنْ شَاءَ وَيَحْرِمُ مَنْ شَاءَ.
وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: 1905 - قَالَ: قُلْت لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَرَأَيْت رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اشْتَرَى أَسِيرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَرْبَحَ فِيهِ؟ قَالَ: لَا.
وَبِهِ نَأْخُذُ. فَإِنَّ الْمُسْلِمَ وَإِنْ وَقَعَ أَسِيرًا فَهُوَ حُرٌّ عَلَى حَالِهِ، وَمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْعَدُوِّ لَا يَمْلِكُهُ، فَكَيْفَ يَرْبَحُ عَلَيْهِ؟ وَلَكِنْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا أَدَّى مِنْ فِدَائِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ. وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ نَصًّا.
لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ مُتَنَوِّعٌ، قَدْ يَكُونُ لِطَلَبِ الْإِحْسَانِ وَالْأَخْذِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَقَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِقْرَاضِ، وَلَكِنَّهُ عَيَّنَ جِهَةَ الِاسْتِقْرَاضِ لِلْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَمَرَ غَيْرُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. ثُمَّ يَصِيرُ هَذَا رِوَايَةً فِي فَصْلٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ، وَهُوَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا صَادَرَ رَجُلًا فَأَمَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَالَ فَقَدْ قَالَ هُنَاكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ إلَّا بِالشَّرْطِ، لِأَنَّ الْمَالَ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْآمِرِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَظْلُومًا فِيهِ، وَمَنْ دَفَعَ ظُلْمًا عَنْ غَيْرِهِ بِسُؤَالِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ