لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا. فَإِنَّهَا خَرَجَتْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْقَهْرِ.
ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ أَسْلَمَا بِإِقْرَارِهِ. فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً لَهُ، وَذَلِكَ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ حَكَمَ الْإِمَامُ هُنَا بِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَلِمَاذَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا وَنَوْعٍ مِنْ الظَّاهِرِ. (ص 192) وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَكْذِيبَ الْمُقِرِّ لَا مَحَالَةَ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِهَا أَمَةً لَهُ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَقَدْ حُكِمَ هُنَاكَ بِحُرِّيَّتِهَا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى رِقِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ.
943 - وَاسْتَوْضَحَ هَذَا بِمُسْلِمٍ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إذَا زَعَمَ أَنَّهَا ارْتَدَّتْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَجَحَدَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِ، وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ.
لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَدِّقٍ عَلَيْهَا فِي إبْطَالِ حَقِّهَا، وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَرْبِيِّ.
فَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: اسْتَحْلِفْهَا مَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قُلْت. فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا فِي قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهَا الرِّقَّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَى الِاسْتِحْلَافَ فِي دَعْوَى الرِّقِّ.