وَلَوْ خَرَجَ حَرْبِيٌّ مَعَ مُسْلِمِينَ فَقَالَ: آمَنَنِي (ص 188) هَذَانِ. وَكَذَّبَاهُ، فَهُوَ فَيْءٌ. لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِمَا مَا لَا يُعْرَفُ سَبَبُهُ، فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ. وَقَدْ ثَبَتَ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِنَا لَا أَمَانَ لَهُ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِهِ.
914 - فَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ آمِنٌ يَرْجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إنْ أَحَبَّ.
لِأَنَّ الْأَمَانَ يَثْبُتُ لَهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ صَدَّقَهُ بِتَصَادُقِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ. فَكَأَنَّهُ مَا ادَّعَى إلَّا عَلَى هَذَا، وَفِي أَمَانِ الْوَاحِدِ كِفَايَةٌ لَهُ.
915 - وَإِنْ قَالَ: آمَنَنِي هَذَا، وَكَذَّبَهُ وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا الَّذِي آمَنْته، وَكَذَّبَهُ الْحَرْبِيُّ، وَثَبَتَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَقَالَتِهِ فَهُوَ فَيْءٌ.
لِأَنَّ الْأَمَانَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ ادَّعَاهُ حِينَ كَذَّبَهُ، وَلَا مِنْ جِهَةِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ لِتَكْذِيبِ الْحَرْبِيِّ إيَّاهُ. فَكَانَ فَيْئًا. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ: أَنَا آمَنْتُك، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: أَبْطَلْت، بَلْ كَتَبَ إلَيَّ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ رَجُل بِالْأَمَانِ. لَمْ يُصَدَّقْ وَكَانَ فَيْئًا.
916 - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: آمَنِّي فُلَانٌ الْمُسْلِمُ، وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ.