وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَقَالَ: هَذَا مَمْلُوكِي أَوْ هَذِهِ مَمْلُوكَتِي، وَقَالَ الْآخَرُ: لَيْسَ كَذَا، وَلَكِنَّهُ آمَنَنَا فَخَرَجْنَا مَعَهُ. فَفِي الْقِيَاسِ هُمَا فَيْءٌ.

لِأَنَّ مَا ادَّعَى هُوَ مِنْ الْمِلْكِ قَدْ انْتَفَى بِتَكْذِيبِهِمَا، وَمَا ادَّعَيَا مِنْ الْأَمَانِ قَدْ انْتَفَى بِإِنْكَارِهِ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُمَا حُرَّانِ مُسْتَأْمَنَانِ يَرْجِعَانِ إذَا أَحَبَّا.

لِأَنَّهُمَا مَعَ الِاخْتِلَافِ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمَا.

وَالْأَسْبَابُ مَطْلُوبَةٌ لِأَحْكَامِهَا لَا لِأَعْيَانِهَا، فَبَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْحُكْمِ لَا يُعْتَبَرُ الِاخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ.

يُوَضِّحُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ السَّبَبِ فِي الصُّورَةِ، فَأَمَّا فِي الْمَعْنَى فَالسَّبَبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَمَانُ الثَّابِتُ لَهُمَا تَبَعًا أَوْ مَقْصُودًا. فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: هِيَ غَصْبٌ. فَإِنَّ الْمَالَ يَلْزَمُهُ لِهَذَا الْمَعْنَى.

912 - وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَخْرَجَهَا ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ وَقَالَ: هِيَ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَسْت بِزَوْجَةٍ لَهُ، وَلَكِنَّهُ آمَنَنِي فَأَخْرَجَنِي. كَانَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.

لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَثْبُتْ لِإِنْكَارِهَا، وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمَانِ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015