فَلَا يَصِحُّ، أَمَانُ الْمُسْلِمِ لَهُمْ إذَا كَانَ فِيهِمْ، لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ هَذَا الْأَمَانُ لَمْ يَقْدِرْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَهْرِهِمْ بِحَالٍ، فَإِنَّهُمْ إذَا أَيْقَنُوا بِالْقَهْرِ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ آمَنَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَ كُلِّ نَفَرٍ مِنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِمَا يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الِاسْتِرْقَاقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
يُوَضِّحُهُ: أَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْمَحْصُورِينَ سَابِقَةٌ عَلَى قُوَّةِ هَذَا الْمُسْلِمِ الْخَارِجِ مَعَهُمْ، فَلَا يَبْطُلُ - بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْقُوَّةِ - حُكْمُ الْيَدِ السَّابِقَةِ. بِخِلَافِ جَمِيعِ مَا سَبَقَ.
890 - وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيَّةً أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا حَرْبِيٌّ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ. لِأَنَّ يَدَ الْإِمَامِ لَا تَصِلُ إلَى الزَّوْجِ لِتَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَتُجْعَلُ ثَلَاثُ حِيَضٍ قَائِمَةً مَقَامَ ثَلَاثِ عَرْضَاتٍ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا إذَا صَارَ غَيْرَ مُرِيدٍ لَهَا، كَمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَبِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ يُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرِيدٍ لَهَا.
891 - فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ الرَّجُلُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ (ص 186) .
لِأَنَّهُ خَرَجَ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْمَانِ.
وَلَكِنْ يَبْقَى النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا.
لِأَنَّ الرِّقَّ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فِيمَا بَيْنَهُمَا. وَلَا يُنَافِي بَقَاءَ النِّكَاحِ أَيْضًا. وَإِنَّمَا الْمُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَالرَّجُلُ لَمَّا صَارَ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا.