لِأَنَّ أَمَانَهُ إيَّاهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَاطِلٌ، لِكَوْنِهِ مَقْهُورًا فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ. وَكَمَا حَصَلَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ صَارَتْ فَيْئًا مَأْخُوذَةً بِالدَّارِ، فَلَا يَعْمَلُ أَمَانُهُ إبْطَالَ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هِيَ حُرَّةٌ مُسْتَأْمَنَةٌ، تَرْجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ مَتَى شَاءَتْ.
لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مَعَهَا مُسْتَدِيمًا لِذَلِكَ الْأَمَانِ، صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْشِئِ لِلْأَمَانِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا إذَا حَصَلَتْ فِي دَارِنَا غَيْرَ آمِنَةٍ. وَهِيَ مَا حَصَلَتْ فِي دَارِنَا إلَّا آمِنَةً. فَأَدْنَى الدَّرَجَاتِ أَنْ يَقْتَرِنَ أَمَانُ الْمُسْلِمِ إيَّاهَا بِسَبَبِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا. وَذَلِكَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّهِمْ فِيهَا.
يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُمَا لَمَّا وَصَلَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَأْمَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَا أَهْلُ الْحَرْبِ، فَقَدْ خَرَجَا مِنْ مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَصَحَّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ إيَّاهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَأْخُوذَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ آمَنَهَا ثُمَّ خَرَجَتْ هِيَ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ أَمَانَهُ إيَّاهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَاطِلٌ. وَهُوَ لَيْسَ مَعَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْأَمَانُ حَتَّى يُجْعَلَ كَالْمُنْشِئِ لِلْأَمَانِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. فَلِهَذَا كَانَتْ فَيْئًا.
886 - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ آمَنَ جُنْدًا عَظِيمًا فَخَرَجُوا مَعَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَظَفِرَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ كَانُوا فَيْئًا.