وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُ الْحِصْنِ قَالُوا لِلسَّرِيَّةِ الْأُولَى: آمِنُونَا أَنْتُمْ. فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ.
لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُؤَمِّنُونَهُمْ، سَوَاءٌ صَرَّحُوا بِقَوْلِهِمْ أَنْتُمْ أَوْ لَمْ يُصَرِّحُوا.
730 - وَلَوْ قَالُوا: عَلَى أَنْ لَا تَعْرِضُوا أَنْتُمْ لَنَا حَتَّى تَخْرُجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ. ثُمَّ جَاءَتْ السَّرِيَّةُ الثَّانِيَةُ، فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا أَهْلَ الْحِصْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا.
لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَأْمَنُوا مِنْهُمْ خَاصَّةً لِيُزِيلُوا تَعَرُّضَهُمْ عَنْهُمْ. وَمَقْصُودُهُمْ مِنْ أَدَاءِ الدَّنَانِيرِ هُنَا أَنْ تَنْصَرِفَ عَنْهُمْ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِمْ، وَقَدْ حَصَلَ هَذَا الْمَقْصُودُ لَهُمْ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. فَهُنَاكَ الْتَمَسُوا أَمَانًا عَامًّا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ.
وَكَمَا أَنَّ الْأَمَانَ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِالْوَقْتِ، يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ مِنْ حَيْثُ السَّرَايَا، إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُوجِبَ اللَّفْظِ الْعُمُومُ، وَعِنْدَ التَّنْصِيصِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْخُصُوصَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ خَاصَّةً
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَمَانِ الْعَامِّ فَقَالَ: 731 - إنْ خَرَجَتْ السَّرِيَّةُ الْأُولَى قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِيَةِ إلَى أَهْلِ الْحِصْنِ. ثُمَّ وَصَلُوا إلَيْهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا أَهْلَ الْحِصْنِ مِنْ غَيْرِ نَبْذِ وَرَدِّ الدَّنَانِيرِ.