بِخِلَافِ مَا إذَا غَنِمُوا مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ، فَإِنَّ وُصُولَهُمْ إلَى تِلْكَ الْغَنَائِمِ بِاعْتِبَارِ رَدِّ الدَّنَانِيرِ فَيَرْفَعُونَ دَنَانِيرَهُمْ مِنْهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ.
728 - وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْحِصْنِ أَخْبَرُوا السَّرِيَّةَ الثَّانِيَةَ بِالْأَمَانِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُمْ. وَلَكِنْ قَاتَلُوهُمْ وَظَفِرُوا بِهِمْ، ثُمَّ عَلِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَمَانِ فَعَلَيْهِمْ رَدُّ مَا أَخَذُوا وَضَمَانُ مَا اسْتَهْلَكُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَدِيَاتُ مَنْ قَتَلُوا مِنْهُمْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ.
لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ، وَأَنَّ نُفُوسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ كَانَتْ مَعْصُومَةً مُتَقَوِّمَةً. فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَإِنَّمَا قَتَلَهُ خَطَأً، فَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
بَلَغَنَا أَنَّ «رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ جَاءَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَأْمِنَيْنِ فَأَجَازَهُمَا بِحُلَّتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَهُمَا قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُمَا. ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ، فَعَرَفَهُمَا وَعَرَفَ الْحُلَّتَيْنِ، فَوَدَاهُمَا بِدِيَةِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ» هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْحَدِيثَ.
وَفِي كُتُبِ الْمَغَازِي أَنَّ الرَّجُلَيْنِ كَانَا مِنْ بَنِي عَامِرٍ. قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ حِين انْصَرَفَ مِنْ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَقَدْ فَعَلَ بَنُو عَامِرٍ بِأَصْحَابِهِ مَا فَعَلُوا.