فَإِنْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَكَانُوا فَيْئًا، إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ.
لِأَنَّ شَهَادَةَ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ حُجَّةٌ فِيمَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ. لِتَمَكُّنِ شُبْهَةِ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ فِي شَهَادَتِهِنَّ.
692 - وَلَوْ كَانَ بَعَثَ مَعَ الْعَشَرَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْتَأْمِنَيْنِ، فَشَهِدَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الدَّارِ بِأَنْ كَانَا مِنْ التُّرْكِ، وَأَهْلُ الْحِصْنِ نَصَارَى لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ وِلَايَةَ الشَّهَادَةِ كَمَا يَقْطَعُ وِلَايَةَ التَّوَارُثِ.
وَهَذَا لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ دَارُ قَهْرٍ، لَيْسَ بِدَارِ حُكْمٍ. فَبِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ يَتَبَايَنُ الدَّارُ، حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْمِنِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ دُورٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ فِي دَارِنَا بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، وَدَارُ الْإِسْلَامِ دَارُ حُكْمٍ، فَإِذَا جَمَعَهُمْ حُكْمٌ وَاحِدٌ قُبِلَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ، كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ.
693 - وَكُلُّ شَيْءٍ رَدَدْت فِيهِ أَهْلَ الْحِصْنِ إلَى مَأْمَنِهِمْ فَإِنَّى أَرُدُّ فِيهِ الْعَشَرَةَ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَيْضًا.