وَإِنْ كَانَ سَمِعَ الْمَقَالَتَيْنِ جَمِيعًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهُمْ فَيْءٌ.

لِأَنَّهُ حِينَ بَلَغَهُ النَّهْيُ صَارَ مَعْزُولًا عَنْ التَّبْلِيغِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي حَقِّهِ.

وَهَذَا لِأَنَّ النَّهْيَ بِمَنْزِلَةِ النَّبْذِ لِذَلِكَ الْأَمَانِ. إلَّا أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ وُصُولِ الْأَمَانِ إلَيْهِمْ لَا يَثْبُتُ النَّبْذُ فِي حَقِّهِمْ مَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِمْ يَثْبُتُ حُكْمُهُ قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَذِنَ (92 ب) لِعَبْدِهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، لَا يَنْحَجِرُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَهْلُ سُوقِهِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَعْلَمَ أَهْلُ سُوقِهِ بِالْإِذْنِ كَانَ ذَلِكَ حَجْرًا.

546 - وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِذِمِّيٍّ: اذْهَبْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي قَدْ أَمَّنْتهمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ارْجِعْ وَلَا تُخْبِرْهُمْ. أَوْ كَانَ كَاتِبُهُ ذِمِّيًّا فَقَالَ: اُكْتُبْ إلَيْهِمْ بِأَمَانِهِمْ. فَأَعْلِمْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَا تَكْتُبْ.

فَكَتَبَ إلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَنَزَلُوا، كَانُوا فَيْئًا، وَلَوْ لَمْ يَنْهَ الرَّسُولَ وَالْكَاتِبَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ نَهَاهُ وَلَمْ يَسْمَعْ حَتَّى كَتَبَ إلَيْهِمْ أَوْ بَلَّغَهُمْ فَنَزَلُوا، كَانُوا آمِنِينَ. وَالْفِقْهُ فِي الْكُلِّ التَّحَرُّزُ عَنْ صُورَةِ الْغُرُورِ وَحَقِيقَتِهِ.

547 - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ لِأَهْلِ الْحِصْنِ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَمَّنَكُمْ، وَأَشَارَ إلَى شَخْصٍ مَعَهُ، فَنَزَلُوا، فَإِذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ فَهُمْ فَيْءٌ، صُدِّقَ عَلَيْهِ أَوْ كُذِّبَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015