وَإِنْ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالْمَالُ سَالِمٌ لَهُ. لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مَا ادَّعَى بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُجْعَلُ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً.
525 - وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْمَنِينَ خَاصَّةً وَشَهِدَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ كَانَ لِلْأَسِيرِ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ هَذَا الْمُسْتَأْمَنُ، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ رُدَّ الْمَالُ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فِي مَنْعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يُقْضَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. لِأَنَّ هَذَا سَبَبٌ كَانَ بَيْنَهُمَا بِالتَّرَاضِي فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَالْمُسْتَأْمَنُ لَمْ يُلْزَمْ أَحْكَامَنَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَتَّجِرَ عِنْدَنَا ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى دَارِهِ، فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْلِمًا وَمُسْتَأْمَنًا لَوْ دَخَلَا دَارَ الْإِسْلَامِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَدَانَهُ دَيْنًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ، إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْمُسْتَأْمَنُ أَوْ يَصِيرَ ذِمِّيًّا، فَحِينَئِذٍ يَسْمَعُ خُصُومَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا.
526 - وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ مُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِنَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً، فَإِنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي دَارِنَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَافِ وَالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا مُدَّةَ مُقَامِهِمَا فِي دَارِنَا.