ثُمَّ أَوْضَحَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَحْصُورِ وَبَيْنَ الَّذِي جَاءَ مُسْتَأْمَنًا إلَى دَارِنَا فَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَحْصُورَ لَوْ نَادَى بِالْأَمَانِ وَانْحَطَّ إلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَمِّنُوهُ كَانَ فَيْئًا. وَاَلَّذِي جَاءَ إلَى أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إذَا نَادَى بِالْأَمَانِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْلِمُونَ لَهُ شَيْئًا كَانَ آمِنًا. فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّلَالَةَ هَا هُنَا تَكْفِي وَفِي الْمَحْصُورِ لَا.

517 - وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ (89 ب) أَمَّنُوا رَجُلًا فِي الْحِصْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ خُرُوجَهُ إلَيْهِمْ لِأَمْرٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَلَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ. لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُ لِيَسْكُنَ فِي مَوْضِعِهِ. وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى لَهُ السُّكْنَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَيَتْبَعُونَهُ فِي الْأَمَانِ بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الْحِصْنِ فَإِنَّهُ اسْتَأْمَنَ لِيَنْجُوَ بِنَفْسِهِ.

518 - وَلَوْ تَقَدَّمَتْ مَسَالِحُ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْمَنَ مِنْكُمْ إلَى دَارِنَا أَوْ إلَى عَسْكَرِنَا فِي تِجَارَةٍ فَهُوَ آمِنٌ وَحْدَهُ دُونَ مَا يَأْتِي بِهِ فَعَلِمُوا بِذَلِكَ، فَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبْيٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ فَيْءٌ كُلُّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ، إلَّا مَا يُسَلَّمُ لِلْمَحْصُورِ الَّذِي يَخْرُجُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُمْ قَدْ نَبَذُوا إلَيْهِمْ الْأَمَانَ فِيمَا يَأْتُونَ بِهِ.

وَإِذَا كَانَ النَّبْذُ بَعْدَ الْأَمَانِ يَرْفَعُ حُكْمَ الْأَمَانِ فَاقْتِرَانُهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهِ. وَلِأَنَّا إنَّمَا كُنَّا نُثْبِتُ الْأَمَانَ لَهُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، وَلَا دَلَالَةَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015