وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُنَّ آمِنَاتٌ. لِأَنَّهُنَّ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ، مَا لَمْ يَتَحَوَّلْنَ إلَى بُيُوتِ الْأَزْوَاجِ. وَبُنِيَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ (88 ب) . فَالنِّسَاءُ لَا يَسْتَأْمِنَّ لِأَنْفُسِهِنَّ عَادَةً، وَلَكِنْ يَكُنَّ مَعَ آبَائِهِنَّ أَوْ أَزْوَاجِهِنَّ، بِخِلَافِ الذُّكُورِ مِنْ الْأَوْلَادِ. لِأَنَّ الذُّكُورَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ مُقَاتِلَةٌ فَلَا يَحْصُلُ الْأَمَانُ لَهُمْ إلَّا بِالِاسْتِئْمَانِ مَقْصُودًا. وَالنِّسَاءُ آمِنَاتٌ عَنْ الْقَتْلِ. وَإِنَّمَا حَاجَتُهُنَّ إلَى الْأَمَانِ لِدَفْعِ الِاسْتِرْقَاقِ عَنْ أَنْفُسِهِنَّ، وَيُمْكِن إثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُنَّ بِالْإِتْبَاعِ لِآبَائِهِنَّ فِي حُكْمِ الْأَمَانِ.
514 - وَعَلَى هَذَا الْأُمَّهَاتُ وَالْجَدَّاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْهُنَّ فَهُنَّ آمِنَاتٌ، تَبَعًا لَهُ، بِخِلَافِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ. فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْأَمَانِ أَحَدٌ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ إلَّا عَبْدُهُ وَأَجِيرُهُ اسْتِحْسَانًا، لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ إلَى اسْتِصْحَابِهِمْ مَعَ نَفْسِهِ، إمَّا لِلتِّجَارَةِ فِيهِمْ، أَوْ لِنَقْلِ أَمْتِعَةِ التِّجَارَةِ بِهِمْ. وَلِكُلِّ مَنْ كَانَ آمِنًا بِأَمَانِهِ نَعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فَهُوَ آمِنٌ، لِتَصَادُقِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ.
وَإِنْ كَذَّبَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ كَانَ فَيْئًا. لِأَنَّ بِتَكْذِيبِهِ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ. فَتَصْدِيقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ صَدَّقَهُ ثُمَّ كَذَّبَهُ كَانَ فَيْئًا أَيْضًا. لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِرْقَاقِ فِيهِ، وَذَلِكَ مَقْبُولٌ مِنْهُ.