لِأَنَّهُمْ جَاءُوا مُنْقَادِينَ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَالِبُونَ لِلْأَمَانِ، وَالدَّلِيلُ فِي مِثْلِ هَذَا كَالصَّرِيحِ.
497 - فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَبِيدٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَهُمْ عَبِيدٌ كَمَا ذَكَرُوا يُمَكَّنُونَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَوَالِيهِمْ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْأَمَانِ.
498 - وَإِنْ قَالُوا جِئْنَا مُرَاغِمَيْنِ لِمَوَالِينَا نُرِيدُ الذِّمَّةَ أَوْ نُرِيدُ الْإِسْلَامَ، فَهُمْ أَحْرَارٌ لَا سَبِيلَ لِمَوَالِيهِمْ عَلَيْهِمْ.
وَلَوْ جَاءُوا مُسْتَأْمَنِينَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ. لِأَنَّهُمْ أَحْرَزُوا أَنْفُسَهُمْ بِدَارِنَا عَلَى مَوَالِيهِمْ، وَلَوْ قَهَرُوا مَوَالِيَهُمْ فَأَحْرَزُوهُمْ بِدَارِنَا مَلَكُوهُمْ، فَكَذَلِكَ إذَا أَحْرَزُوا أَنْفُسَهُمْ يَمْلِكُونَ رِقَابَهُمْ. وَمَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عَتَقَ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ الطَّائِفِ: «أَيُّمَا عَبْدٍ خَرَجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا فَهُوَ حُرٌّ. فَخَرَجَ إلَيْهِ سَبْعَةُ أَعْبُدٍ فَأَعْتَقَهُمْ» . وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ عُتَقَاءَ اللَّهِ. ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجُوا مُسْلِمِينَ أَوْ ذِمَّةً، لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا كَالْمُسْلِمِ فَيَتِمُّ فِيهِمْ إحْرَازُ أَنْفُسِهِمْ بِالطَّرِيقَيْنِ.