لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ قَدِيمٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمِلْكُ لَا يُسْتَحَقُّ بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ بَلْ بِالْحُجَّةِ التَّامَّةِ. وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ حُجَّةٌ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَحَاجَةُ الْمُسْتَأْمَنِينَ هُنَا إلَى اسْتِحْقَاقِ الْمِلْكِ عَلَى الْمُلَّاكِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِمَا ذَكَرْنَا.
453 - فَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ كَانُوا أَخَذُوهُ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ أَيْدِي الْمُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ مِنْ أَيْدِي قَوْمٍ يُقِرُّونَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ، لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ. لِأَنَّهُمْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِي الْمَتَاعِ يَدٌ وَلَا مِلْكٌ، فَهُمْ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ. إلَّا أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي سَهْمِ الَّذِي أَقَرَّ فَيُصَدَّقُ عَلَى نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ فَيُرَدُّ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ. لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ فِي حَقِّهِ أَوْ أَقْوَى. وَلَكِنْ لَا يُعَوَّضُ. لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى سَائِرِ الْغَانِمِينَ، فَكَانَ هُوَ فِي حَقِّهِمْ مُتْلِفًا نَصِيبَ نَفْسِهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّعْوِيضَ مِنْ الْغَنِيمَةِ.
454 - فَأَمَّا السَّبْيُ فَهُمْ مُصَدَّقُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَإِنْ وَقَعُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، مَا لَمْ يَقْتَسِمُوا أَوْ يُبَاعُوا، سَوَاءٌ كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ قَدْ أُخْرِجُوا مِنْهَا. لِأَنَّ اعْتِبَارَ يَدِهِمْ وَقَوْلِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ لَا يَزُولُ إلَّا بِضَرْبِ الرِّقِّ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بِالْقِسْمَةِ أَوْ الْبَيْعِ دُونَ الْإِحْرَازِ، أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ؟