فَقَدْ عَرَفْنَا زَوَالَ الْيَدِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَدْرِي لِمَنْ كَانَتْ حَقِيقَةً: لِلْمُدَّعِي كَانَ، أَوْ لِلْمُصَدِّقِينَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِمْ. فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ إزَالَتُهَا إلَّا بِبَيِّنَةِ عُدُولٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
451 - فَإِنْ شَهِدَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الَّذِينَ فِي أَيْدِيهِمْ ذَلِكَ أَخَذُوهُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ أَقَرَّ الَّذِينَ ذَلِكَ فِي أَيْدِيهِمْ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ أَقَرُّوا أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَطْمُورَةِ، وَأَقَرَّ أُولَئِكَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ أَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَطْمُورَةِ وَأَقَرَّ أُولَئِكَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ فَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِمْ. لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ. وَالثَّابِتُ بِالْإِقْرَارِ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ كَذَلِكَ. وَالِاسْتِحْقَاقُ لِلْمُسْلِمِينَ الْآنَ بِاعْتِبَارِ يَدِ الْآخِذِينَ فِي بَيَانِ جِهَةِ الْوُصُولِ إلَى أَيْدِيهِمْ. فَلِهَذَا وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الَّذِينَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ إلَّا بَعْدَمَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ. فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَرُّوا بِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُمْ سَوَاءٌ لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَصْلَ الْيَدِ لَهُمْ وَتِلْكَ الْيَدُ قَائِمَةٌ حُكْمًا لِمَا وَجَبَ اعْتِبَارُ تَصَادُقِهِمْ مَعَ الْمُسْتَأْمَنِينَ. فَكَانَ إقْرَارُهُمْ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِمْ قَبْلَهُ.
452 - فَإِنْ اقْتَسَمَ الْمُسْلِمُونَ الْمَتَاعَ، أَوْ بِيعَ الْمَتَاعُ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُسْتَأْمَنُونَ أَنَّ الْمَتَاعَ مَتَاعُهُمْ، لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ قَوْمٍ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْمِلْكِ لَهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ.