فَمَضَوْا حَتَّى أَتَوْهُ. فَلَمَّا انْتَهَوْا إلَى حِصْنِهِ هَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ، وَكَانَ ابْنُ الْأَشْرَفِ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. فَوَثَبَ، فَأَخَذَتْ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَةِ مِلْحَفَتِهِ فَقَالَتْ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ إنَّك رَجُلٌ مُحَارِبٌ، وَلَا يَنْزِلُ مِثْلُك فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ. قَالَ: إنَّمَا هُوَ أَخِي أَبُو نَائِلَةَ، وَاَللَّهِ لَوْ وَجَدَنِي نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي. ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْمِلْحَفَةَ فَنَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ: لَوْ دُعِيَ الْفَتَى لِطَعْنَةٍ لَأَجَابَا ثُمَّ نَزَلَ إلَيْهِمْ فَحَيَّاهُمْ، وَتَحَدَّثُوا سَاعَةً، ثُمَّ انْبَسَطَ إلَيْهِمْ، فَقَالُوا: وَيْحَك يَا ابْنَ الْأَشْرَفِ هَلْ لَك أَنْ نَمْشِيَ إلَى شَرْجِ الْعَجُوزِ فَنَتَحَدَّثَ فِيهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَخَرَجُوا يَتَمَشَّوْنَ. فَلَمَّا تَوَجَّهُوا قِبَلَ الشَّرْجِ أَدْخَلَ أَبُو نَائِلَةَ يَدَهُ فِي رَأْسِ كَعْبٍ وَقَالَ: وَيْحَك يَا ابْنَ الْأَشْرَفِ مَا أَطْيَبَ عِطْرُك هَذَا. ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَعَادَ بِمِثْلِهَا. حَتَّى إذَا اطْمَأَنَّ إلَيْهِ أَخَذَ بِقُرُونِ رَأْسِهِ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اُقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ. فَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا. يَعْنِي رَدَّ بَعْضُهَا بَعْضًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْت مَغُولًا كَانَ فِي سَيْفِي وَهُوَ يُشْبِهُ الْخَنْجَرَ، فَانْتَزَعْته فَوَضَعْته فِي سُرَّتِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْت عَلَيْهِ فَغَطَطْته، أَيْ غَيَّبْته فِيهِ، حَتَّى انْتَهَى إلَى عَانَتِهِ، فَصَاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً مَا بَقِيَ أُطْمٌ مِنْ