وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ. ثُمَّ قَالَ خُبَيْبٌ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَالْعَنْهُمْ بَدَّدَا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. زَادَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ الْتَمَسَ مِنْهُمْ أَنْ يُكِبُّوهُ عَلَى وَجْهِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لِيَقْتُلُوهُ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ. فَجَعَلَ يَقُولُ:
وَلَسْت أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي
ثُمَّ صَلَبُوهُ بَعْدَ الْقَتْلِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ، فَتَحَوَّلَتْ خَشَبَتُهُ حَتَّى صَارَ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ. وَقَدْ اسْتَحْسَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَنَعَهُ خُبَيْبٌ عِنْدَ الْقَتْلِ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَسَمَّاهُ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ وَقَالَ: هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» فَصَارَتْ سُنَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ
- قَالَ: وَصَلَاةُ الْخَوْفِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانُوا (60 ب) مُوَاقِفِينَ لِلْعَدُوِّ. فَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمُسَايَفَةِ وَالْمُطَاعَنَةِ وَالرَّمْي فَلَا تَسْتَقِيمُ الصَّلَاةُ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ، وَلَا تَسْتَقِيمُ الصَّلَاةُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ لَيْسَ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ ذَلِكَ. لِأَنَّ مَا يَفُوتُهُمْ مِنْ الصَّلَاةِ يُمْكِنُهُمْ تَدَارُكُهُ بَعْدَ هَذَا، وَمَا يَفُوتُهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْقِتَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُمْكِنُهُمْ تَدَارُكُهُ.